سورة البقرة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{فتلقى آدم من ربه} أخذ وتلقَّن {كلماتٍ} وهو أنَّ الله تعالى ألهم آدم عليه السَّلام حين اعترف بذنبه وقال: {ربنا ظلمنا أنفسنا} الآية {فتاب عليه} فعاد عليه بالمغفرة حين اعترف بالذَّنب واعتذر {إنَّه هو التواب} يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه.
{قلنا اهبطوا منها جميعاً} كرَّر الأمر بالهبوط للتَّأكيد {فإمَّا يأتينَّكم مني هدىً} أَيْ: فإنْ يأتكم مني شريعةٌ ورسولٌ وبيانٌ ودعوةٌ {فمن تبع هداي} أَيْ: قَبِل أمري، واتَّبع ما آمره به {فلا خوف عليهم} في الآخرة ولا حزن، والخطاب لآدم وحوَّاء، وذرِّيتهما، أعلمهم الله تعالى أنَّه يبتليهم بالطَّاعة، ويجازيهم بالجنَّة عليها، ويعاقبهم بالنَّار على تركها، وهو قوله تعالى: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} أَيْ: بأدلتنا وكتبنا {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.


{يا بني إسرائيل} أولاد يعقوب عليه السَّلام {اذكروا} اشكروا، وذكر النِّعمة هو شكرها {نعمتي} يعني: نعمي {التي أنعمت عليكم} يعني: فلق البحر، والإِنجاء من فرعون، وتظليل الغمام، إلى سائر ما أنعم الله تعالى به عليهم، والمراد بقوله تعالى: {عليكم} أَيْ: على آبائكم، والنِّعمة على آبائهم نعمةٌ عليهم، وشكر هذه النِّعم طاعتُه في الإِيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ صرَّح بذلك، فقال: {وأوفوا بعهدي} أَيْ: في محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {أُوف بعهدكم} أدخلكم الجنَّة {وإيَّاي فارهبون} فخافوني في نقض العهد.
{وآمنوا بما أنزلت} يعني: القرآن {مصدقاً لما معكم} موافقاً للتَّوراة في التَّوحيد والنُّبوَّة {ولا تكونوا أوَّل كافر به} أَيْ: أوَّل مَنْ يكفر به من أهل الكتاب؛ لأنَّكم إذا كفرتم كفر أتباعكم، فتكونوا أئمةً في الضَّلالة، والخطابُ لعلماء اليهود. {ولا تشتروا} ولا تستبدلوا {بآياتي} ببيان صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ونعته {ثمناً قليلاً} عوضاً يسيراً من الدُّنيا، يعني: ما كانوا يُصيبونه من سفلتهم، فخافوا إنْ هم بيَّنوا صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنْ تفوتهم تلك المآكل والرِّياسة، {وإيايَّ فاتقون} فاخشوني في أمر محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا ما يفوتكم من الرِّياسة.
{ولا تلبسوا الحق بالباطل} أَيْ: لا تخلطوا الحقَّ الذي أنزلتُ عليكم من صفة محمَّدٍ عليه السَّلام بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفته، وتبديل نعته، {وتكتموا الحق} أَيْ: ولا تكتموا الحقَّ، فهو جزمٌ عُطِفَ على النَّهي، {وأنتم تعلمون} أنَّه نبيٌّ مرسلٌ قد أُنزل عليكم ذكره في كتابكم، فجحدتم نبوَّته مع العلم به.
{وأقيموا الصلاة} المفروضة {وآتوا الزكاة} الواجبة في المال {واركعوا مع الراكعين} وصلُّوا مع المصلِّين محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جماعةٍ.


{أتأمرون الناس بالبرِّ} كانت اليهود تقول لأقربائهم من المسلمين: اثبتوا على ما أنتم عليه، ولا يؤمنون به، فأنزل الله تعالى توبيخاً لهم: {أتأمرون الناس بالبر} بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم {وتنسون} وتتركون {أنفسكم} فلا تأمرونها بذلك {وأنتم تتلون الكتاب} تقرؤون التَّوراة وفيها صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ونعته {أفلا تعقلون} أنَّه حقٌّ فتتَّبعونه؟! ثمَّ أمرهم الله تعالى بالصَّوم والصَّلاة؛ لأنَّهم إنَّما كان يمنعهم عن الإسلام الشَّره، وخوف ذَهاب مأكلتهم، وحب الرِّياسة، فأُمروا بالصَّوم الذي يُذهب الشَّرَه، وبالصًَّلاة التي تُورث الخشوع، وتَنفي الكبر، وأُريدَ بالصَّلاةِ الصَّلاةُ التي معها الإيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فقال: {واستعينوا بالصبر} يعني بالصَّوم، {والصلاة} لأنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكر {وإنها لكبيرةٌ} لثقيلةٌ يعني: وإنَّ الإستعانةَ بالصبر والصلاة لثقيلةٌ {إلاَّ على الخاشعين} السَّاكنين إلى الطَّاعة. وقال بعضهم: رجع بهذا القول إلى خطاب المسلمين، فأمرهم أَنْ يستعينوا على ما يطلبونه من رضاءِ الله تعالى ونيل جنَّتِهِ بالصَّبر على أداء فرائضه وهو الصَّوم والصَّلاة.
{الذين يظنون} يستيقنون {أنهم ملاقو ربِّهم} أنَّهم مبعوثون وأنَّهم محاسبون وأنَّهم راجعون إلى الله تعالى، أَيْ: يُصدِّقون بالبعث والحساب.
{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} مضى تفسيره، {وأني فضلتكم} أعطيتكم الزِّيادة {على العالمين}: على عالمي زمانكم، وهو ما ذكره في قوله تعالى: {إذ جعل فيكم أنبياء...} الآية، والمراد بهذا التَّفضيل سلفهم، ولكن تفضيل الآباء شرف الأبناء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8